کد مطلب:239457 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:126

میزات و خصائص
و قد كانت حیاته حیاة جد و نشاط، و تقشف، علی العكس من أخیه الأمین، الذی نشأ فی كنف « زبیدة »، و ما أدراك ما « زبیدة » ؛ فقد كانت حیاته حیاة نعمة و ترف، یمیل الی اللعب و البطالة، أكثر منه الی الجد و الحزم .. یظهر ذلك لكل من راجع تاریخ حیاة الأخوین ..

و لعل سر ذلك یعود الی أن المأمون لم یكن كأخیه، یشعر بأصالة محتده، و لا كان مطمئنا الی مستقبله، و الی رضا العباسیین به . بل كان یقطع بعدم رضاهم به خلیفة و حاكما ؛ و لهذا .. فقد وجد أنه لیس لدیه أی رصید یعتمد علیه غیر نفسه ؛ فشمر عن ساعد الجد، و بدأ یخطط لمستقبله منذ اللحظة الاولی التی أدرك فیها واقعه، و الممیزات التی كان یتمتع بها أخوه الأمین علیه ..



[ صفحه 150]



بل نلاحظ : أنه كان یستفید من أخطاء أخیه الأمین، فان : «الفضل عندما رأی اشتغال الأمین باللهو و اللعب، أشار علی المأمون باظهار الورع و الدین، و حسن السیرة، فأظهر المأمون ذلك ... و كان كلما اعتمد الأمین حركة ناقصة اعتمد المأمون حركة شدیدة » [1] .

و من هنا نعرف السر فیما یظهر من رسالته للعباسیین ؛ حیث نصب فیها نفسه واعظا تقیا، و أضفی علیها هالة من التقی و الورع !! و الزهد فی الدنیا !! و الالتزام بأحكام الشریعة، و تعالیم الدین !! .. لیروه و یراه الناس نوعیة أخری تفضل نوعیة أخیه الأمین، و تزید علیها ..


[1] الفخري في الآداب السلطانية ص 212 . و لكن سيأتي أن المأمون هو الذي طلب من الفضل : أن يشيع عنه الزهد و التقوي ، و ليس الفضل هو المشير عليه بذلك.